للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: فَيَكْتُبُ عَمَلَهُ،

ــ

وقوله: (بأربع كلمات) قال الشيخ ابن حجر في (شرح الأربعين) (١): وفي خبر صحيح عن ابن حبان (خمس)، الثلاثة الآتية، والأثر [و] المضجع، أي القبر، قال: وفي حديث صحيح أيضًا: (أذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ وما عمره؟ وما أثره؟ وما مصائبه؟ )، والجمع بأنه يمكن أن الزوائد مما يوحى إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعده، واللَّه أعلم.

ثم الكلمة تطلق على القول والفعل كقوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [البقرة: ١٢٤]، قيل: هي عشر خصال من الفطرة، وقوله: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس: ٦٤]، أي: لا خلف لما وعد، وقد يراد به العلم والقرآن كما في قوله تعالى: {قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: ١٠٩]، في (مجمع البحار) (٢): كل ما دعا اللَّه للناس إليها فهو كلمة، والظاهر أن المراد في هذا الحديث الخصال ونحوها، ويجوز أن يأمر اللَّه الملك بأربع أوامر فيكون الكلمات على حقيقتها.

وقوله: (فيكتب عمله) وهذه الكتابة غير كتابة المقادير السابقة على خلق السموات والأرض، جرت السنة الآلهية بإفرادها وتحديدها تأكيدًا وتقريرًا، ويكون فيها الأمر للملك إظهارًا للقضاء الأزلي (٣)، وقد جاء في خبر عند البزار: أن كتابته ذلك يكون بين عينيه، وفي حديث آخر: أنه يكتمب ذلك في صحيفته وبين عيني الولد، ثم الظاهر من هذا الحديث أنه يؤمر بكتابة تلك الأربع ابتداء، ودلت الأحاديث الصحيحة أنه يؤمر


(١) "فتح المبين لشرح الأربعين" (ص: ٩٩).
(٢) "مجمع بحار الأنوار" (٤/ ٤٤٠).
(٣) قال القاري: وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِكَتْبِهِ هَذ الأَشْيَاءَ إِظْهَارُهُ لِلْمَلَكِ، وَإِلَّا فَقَضاؤُهُ سَابِقٌ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ مُجَاهِدُ: يَكْتُبُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فِي وَرَقَةٍ، وَتُعَلَّقُ فِي عُنُقِهِ بِحَيْثُ لَا يَرَاهَا النَّاسُ. قَالَ تَعَالَى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: ١٣]. "مرقاة المفاتيح" (١/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>