في عموم المساجد، وأما المسجد الحرام فمن قَتَلَ والتجأ إلى الحوم يُضيَّقُ الأمر بمنع الطعام والشراب ونحوه، حتى يخرجَ بنفسه فيُقتَلَ، وعند الشافعي يجوز استيفاؤه في الحرم.
وقوله:(ولا يقاد بالولد) إن كان المراد به عدمَ الاقتصاص عن الوالد إن قتل ولده، وهو الظاهر، ففيه خلاف مالك؛ فإنه قال: يقاد إذا ذبحه ذبحًا، وإن قتل الوالدُ ولدَه ضربًا بالسيف فلا قصاصَ عليه؛ لاحتمال أنه ضربه تأديبًا، وأتى على النفس من غير قصد، وإن ذبحه فعليه القصاص لأنه عمد بلا شبهة، ولا تأويل، بل جناية الأب أغلظ؛ لأن فيه قطع الرحم، وهو كمن زنى بابنته فإنه يلزمه الحدُّ، والحديث حجة عليه، وإن كان المواد عدم قتل الوالد بجناية ولده وقتله أحدًا كما كان في الأهلية، فهذا متفق عليه، والمعنى الأول أظهر وأوفق بالباب، فإنه كان في الجاهلية أحكام كثيرة من هذا الباب رفعت في الإسلام لا يختص بهذه الصورة.
وقوله:(ابني اشهد به) أي: كن شاهدًا بأنه ابني من صلبي، ومقصوده من هذا الاستشهادِ إلزامه ضمانَ الجنايات عنه على رسم الجاهلية، وكانوا يأخذون كلًّا من المتوالدين بجناية الآخر، ولهذا قال -صلى اللَّه عليه وسلم- مؤكدًا:(أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه)