والواو عاطفة على محذوف، و (غير) مرفوع بعامل مقدر تقديره: أَوَقَعَ هذا أو غير ذلك؟
ثانيها: أن يكون (أو) التي لأحد الأمرين، أي الواقع هذا أو غير ذلك، كذا قالوا، والظاهر أن الاستفهام إنكاري، والمقصود إنكار أن يكون وقوع هذا مجتمعًا مع وقوع غيره جزمًا أو ترددًا بل الواقع هو الغير وحده.
وبهذا ظهر أن الأوجه هو الوجه الثالث الذي ذكره الطيبي، وهو أن يكون (أو) بمعنى بل كما هو في قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}[الصافات: ١٤٧]، ومع ذلك المقصود المنع عن القطع بذلك، ثم ظاهر الحديث أن دخول الجنة والنار غير منوط بالأعمال، بل اللَّه سبحانه جعل من خلقه أهلًا للجنة عملوا الحسنات أو لم يعملوا، وكذلك جعل منهم أهلًا للنار عملوا السيئات أولم يعملوا، فهذا الصبي إن جعله اللَّه من أهل النار أدخله النار وإن لم يعمل سوءًا، فكيف تجزمين بأنه من أهل الجنة؟
لكن الذي عُلم من الدين وانعقد عليه الإجماع أن أطفال المسلمين في الجنة، وفي أطفال المشركين ثلاثة أقوال: الأول: الدخول في النار، والثاني: التوقف، والثالث: أنهم من أهل الجنة، وهو الصحيح لأنه قد علم بالضرورة من الدين أن اللَّه لا يعذب أحدًا بغير ذنب.
وقيل: يحتمل أنه لم يرتض بهذا القول من أم المؤمنين عائشة -رضي اللَّه عنها- لما فيه من الحكم بالغيب والقطع بإيمان أبوي الصبي إذ هو تبع لهما، وفيه إرشاد للأمة إلى التوقف عند الأمور المبهمة، والسكوت عما لا علم لهم به، وحسن الأدب بين يدي علام الغيوب،