للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"اللَّهُ أعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ١٣٨٤، م: ٢٦٥٩].

ــ

كتركهم في رَوِيَّة وبَرِيَّة، والذرية نسل الثقلين الرجال والنساء، وأصلها الصغار، وتقع في المتعارف على الصغار والكبار، ويستعمل للواحد والجمع، وأصلها الجمع، وقال البيضاوي (١): الذرية فعلية من الذر، أو فعولة من الذرأ، أبدلت همزتها ياء، ثم قلبت الواو ياء وأدغمت.

وقوله: (اللَّه أعلم بما كانوا عاملين) قال التُّورِبِشْتِي (٢). يحتمل أنه لم ينبأ عن حدوث هذا السؤال عن حقيقة أمرهم، فتوقف فيه، أو علم ولم يؤذن له في الكشف عنه رعاية لمصلحة العباد فأجاب عنه بما أجاب، أي: اللَّه أعلم بما هم صائرون إليه، وبما هو كائن من أمرهم، يدخلون الجنة آمنين مُنعَّمين أم يردون النار لابسين معذبين، أم يتركون ما بين المنزلتين، ويحتمل أنه علق أمرهم بما علم اللَّه من عاقبة أمرهم لو تركوا فعاشوا حتى بلغوا الحنث.

والمعنى أن من علم اللَّه منه أنه لو أمهل حتى بلغ الحنث عنده، ثم مات على الإيمان أدخله الجنة، ومن علم منه أنه يفجر ويكفر أدخله النار، وفي هذا التأويل نظر؛ لأنا ننفي في أصل الدين ومنهاج الشرع أن يعذب العصاة على معصية كانت تقع منهم لو طالت بهم الحياة، ولأنا ننفي ذلك عن الأطفال -وهم أضعف بنية وأقل قوة- أحق وأجدر.

وبعد فاعلم أن مبنى اختلاف التأويل في هذا الحديث على اختلاف المسلمين في ولدان المشركين، فمنهم من يسكت عنه ولا يقطع في أمرهم بشيء، ومنهم من


(١) "تفسير البيضاوي" (١/ ٣٣٨).
(٢) "كتاب الميسر" (١/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>