للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمَرَّ رَجُلٌ بِغَارٍ فِيهِ شَيْء مِنْ مَاءٍ وَبَقْلٍ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِأَنْ يُقِيمَ فِيهِ وَيَتَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ بِالْيَهُودِيَّةِ وَلَا بِالنَّصْرَانِيَّةِ، وَلَكَنِّي بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَمَقَامُ أَحَدِكُمْ فِي الصَّفِّ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهِ سِتِّينَ سَنَةً". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: ٥/ ٢٦٦].

ــ

السير هو أن السرية ما لم يحضر فيه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والذي حضر فيه فهو الغزوة.

وقوله: (إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية) أي: ما بُعِثتُ للرَّهبانية الشاقَّة (ولكني بعثت بالحنيفية) في (النهاية) (١): الحَنِيفُ: المائل إلى الإسلام الثابت عليه، والحنيف عند العرب مَن كان على دين إبراهيم، وأصل الحَنَف المَيلُ. قوله تعالى: {حَنِيفًا} [البقرة: ١٣٥] أي: مخلصًا في عبادته مائلًا عن كل الأديان إلى الإسلام. و (السمحة) أي: السَّهْلة، والمساهلة كالمسامحة، والتسميح السير السهل، وأسمحت قرونته: ذلَّت نفسه، والدابةُ: لانَتْ بعدَ استصعابٍ.

وقوله: (لغدوة أو روحة) الغدوة: السير في أول النهار، والروحة: السير في آخره، قيل: المراد بهما مطلق الزمان، أي: لمحة وساعة.

وقوله: (خير من الدنيا وما فيها) أي: لو ملكها وتصرف فيها مدتها لغايتها، وقيل: بل لو أنفقها في سبيل اللَّه لكثرة ثواب الجهاد.

وقوله: (ولمقام أحدكم في الصف) المراد صف القتال، والمراد بالصلاة


(١) "النهاية" (١/ ٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>