التطبيق بين هذا الحديث الدال بنقص قيراط والحديث السابق الدال بنقص قيراطين أن ذلك إما لاختلاف أنواع الكلب كما يأتي في حديث جابر أو لاختلاف المواضع، فالقيراطان في الحرمين لفضل حرمتهما، والقيراط في غيرهما، كيف وقد كان من مذهب ابن عباس مضاعفة المعاصي في الحرم كالطاعات وإن كان شاذًّا من القول، ولهذا لم يقم -رضي اللَّه عنه- بمكة، وأقام في الطائف، أو القيراطان في المدائن والقرى، والقيراط في البوادي، أو لاختلاف الزمانين بأن حكم بنقص القيراط أولًا، ثم لما زاد مخالطتهم بالكلاب وألفهم بها زاد التشديد بزيادة التقصير، وحكم بنقص القيراطين، وقيل: لا منافاة بين الحديثين لأن الاقتناء فوق الاتخاذ.
٤١٠٠ - [٣](جابر) قوله: (أمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقتل الكلاب) قيل: هذا مخصوص بالمدينة المطهرة لكونها مهبط الملائكة بالوحي، فينبغي تطهيرها عن الكلاب؛ لأن الملائكة لا يدخلون بيتًا فيه كلب، واللَّه أعلم.
وقوله:(حتى إن المرأة تقدم) صحح بلفظ المضارع من التقدم محذوف التاء، ولعل ذكر المرأة وتقدمها عن البادية بالكلب بيان للواقع، وما وقع من قتل بعض الكلاب التي أتت بها امرأة من البادية، أو لأن المرأة لضعفها وشدة احتياجها محل أن ترحم، ولا تهلك أسباب معيشتها مع أنها لا تسكن في البلد، وترجع بكلبها إلى البادية، ففيه مبالغة وتأكيد، واللَّه أعلم.
وقوله:(عليكم بالأسود) أي: بقتله، و (البهيم) خالص السواد، والبهيم في