للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رابعها: لو أبيح أكلها لفاتت المنفعة بها فيما وقع به الامتنان من الركوب والزينة.

وأجيب: بأن آية النحل مكية اتفاقًا، والإذن في أكل الخيل كان بعد الهجرة من مكة بأكثر من ست سنين، فلو فهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الآية المنع لما أذن في الأكل.

وأيضًا فآية النحل ليست نصًّا في منع الأكل، والحديث صريح في جوازه.

وأيضًا فلو سلمنا أن اللام للتعليل، لم نسلم إفادة الحصر في الركوب والزينة، فإنه ينتفع بالخيل في غيرهما، وفي غير الأكل اتفاقًا، وإنما ذكر الركوب والزينة لكونهما أغلب ما تطلب له الخيل، ونظيره حديث البقرة المذكورة في "الصحيحين" حين خاطبت راكبها، فقالت: لم أخلق لهذا، وإنما خلقت للحرث (١)، فإنه مع كونه أصرح في الحصر ما يقصد به إلا الأغلب، وإلا فهي تؤكل وينتفع بها في أشياء غير الحرث اتفاقًا.

وقال البيضاوي (٢): واستدل بها -أي: بآية النحل- على حرمة لحومها، ولا دليل فيها؛ إذ لا يلزم من تعليل الفعل بما يقصد منه غالبًا أن لا يقصد منه غيره أصلًا، انتهى.


(١) جاء في الحديث المتفق عليه من رواية أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بينما رجل يسوق بقرة له، قد حمل عليها، التفتت إليه البقرة فقالت: إني لم أخلق لهذا، ولكني إنما خلقت للحرث، فقال الناس: سبحان اللَّه تعجبًا وفزعًا، أبقرة تكلم؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: فإني أومن به وأبو بكر وعمر"، واللفظ لمسلم (ح: ٢٣٨٨).
(٢) "تفسير البيضاوي" (١/ ٥٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>