وقيل: هي بمعنى الأمكنة، يقال: الناس على مكناتهم وسكناتهم، أي: أمكنتهم ومساكنهم، وقيل نقلًا عن الزمخشري: روي: (مكناتها) بضم أوله جمع مكن، جمع مكان نحو حمر وحمرات. وقيل: هي جمع مكنة من التمكن، يقال: له مكنة عند السلطان، أي: تمكن ومنزلة عنده، وجاء بمعنى التؤدة أيضًا وهو قريب من معنى السكنة، والمراد إما المنع عن زجر الطيور وترهيبها وتشويشها وإزعاجها عن أماكنها وأوكارها وبيوضها. وقيل: معناه كراهة صيد الطير بالليل، وإما النهي عن التطير فإن أحدهم كان إذا أراد حاجته أتى طيرًا فنفره وأطاره، فإن أخذ ذات اليمين مضى لها، وإن أخذ ذات الشمال رجع، فنهوا عنه، فيكون المعنى: لا تنفروها عن مكانها لأخذ الطيرة، أو يكون المعنى: أقروها على مواضعها ومراتبها التي وضعها اللَّه بها وجعلها لها من أنها لا تنفع ولا تضر، وهذا فرع الحمل على معنى التطير، ووجه الربط بينه وبين ذكر العقيقة أنهم كانوا يتطيرون في كل الأحوال فنهوا عن التطير في شأن المولود، وحثوا على الصدقة وهي العقيقة، وهذا على تقدير حمل الحديث على معنى النهي عن التطير، وأما على تقدير حمله على معنى النهي عن إيذائها وإزعاجها أو كراهة صيدها بالليل فلا مناسبة.
فقيل: هذا حديثان مستقلان جمعهما الراوي لغرض، وفي (الترمذي) و (النسائي) تصريح باستقلال كل من الحديثين، وكذا في قول أم كرز:(وسمعته يقول)، وهذا أظهر دلالة على ذلك؛ لأن الترمذي والنسائي يحتمل أَنْ رَوَيَا جزءًا من الحديث مستقلًا، فتدبر، وقال بعضهم: ولا يعرف للتطير مكنات إنما هو وكنات جمع وكنة، وهو موضع عش الطائر، واللَّه أعلم.