للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٢٧٤ - [١٢] وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: "يَا غُلَامُ! أَتَأْذَنُ أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ؟ " فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِفَضْلٍ مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَأعْطَاهُ إِيَّاهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٢٣٥١، م: ٢٥٣٠].

وَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ سَنَذْكُرُهُ فِي "بَابِ الْمُعْجزَاتِ" إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ــ

٤٢٧٤ - [١٢] (سهل بن سعد) قوله: (يا غلام! أتأذن أن أعطيه الأشياخ؟ ) إنما استأذن الغلام استئلافًا لقلوب الأشياخ لكونهم أكابر من قريش يخاف عليهم الزيغ والزلل، وأما أبو بكر -رضي اللَّه عنه- فهو من المخلصين العارفين بأخلاقه والفانين في محبته -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يخاف عليه شيء من ذلك، وإنما لم يستأن الأعرابي الجافي مخافة إيحاشه وتأليفًا لقلبه، وأيضًا فيه تأكيد وتقرير للمقصود، يعني أنه لما لم يعط أبا بكر ولم يستأذن أيضًا الأعرابي، ولم يبال بأبي بكر، ولا بشفاعة عمر له ضاق مجال أن يتوقع أحد في ذلك، بقي أن الفقهاء اتفقوا على أن إيثار الغير في الطاعات والقربات غير محمود، بل إن كان في أمر واجب يحرم لترك الواجب باختياره، وإن كان في مستحب يكره لترك ما يقرب إلى اللَّه كما إذا آثر أحدًا بثوبه الذي يحصل به ستر العورة وصلى عاريًا، أو آثر في الصف الأول والقرب من الإمام، قالوا: وإنما يحمد الإيثار في الأمور الدنيوية مما ليس بطاعة ولا قربة، ولهذا قرر -صلى اللَّه عليه وسلم- ابن عباس على عدم إيثاره ولم يذمه بتركه، كذا قالوا، ولكن لا يخفى أن استئذانه -صلى اللَّه عليه وسلم- ابن عباس إنما كان لأجل أنه إن أذن ورضي بذلك لجاز إذنه وإعطاؤه الأشياخ.

ويفهم منه جواز الإيثار وهذا ظاهر، ويمكن أن يقال: استأذنه -صلى اللَّه عليه وسلم- اعتبارًا لذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>