للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولَانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ. . . . .

ــ

وبين ظهرانيها.

وقوله: (فيقعدانه) قال التُّورِبِشْتِي (١): الأصل فيه أن يحمل على الحقيقة على حسب ما يقتضيه الظاهر، ويحتمل أن يراد به التنبيه لما يسأل عنه، والإِيقاظ لما هو فيه بإعادة الروح المميز الإنساني إليه كالنائم الذي يوقظ، ومن الجائز أن يقال: أجلسته من نومه أي: أيقظته من رقدته على المجاز والاتساع؛ لأن الغالب من حال النائم إذا استيقظ أن يجلس، فجعل الإجلاس مكان الإيقاظ، انتهى.

ثم إنه جاء في حديث آخر: (فيجلسانه) والقعود والجلوس مترادفان، وقال في (القاموس) (٢): القعود: الجلوس، أو هو من القيام، والجلوس من الضجعة ومن السجود، انتهى. وعلى الثاني يكون رواية: (يجلسانه) كما يجيء من حديث أحمد وأبي داود أظهر وأفصح، ويكون رواية: (يقعدانه) كما في الصحيحين رواية بالمعنى.

وقال الطيبي (٣): إذا ذكرا معًا ذكر القعود مع القيام، والجلوس مع الاضجاع، وبدون ذكرهما يجوز ذكر الجلوس من القيام كما جاء ذلك في حديث جبرئيل: (حتى جلس إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-)، انتهى.

وقوله: (في هذا الرجل) أي: الرجل العظيم الذي هو الرجل الحقيقي الذي يحق أن يسمّى رجلًا، فاسم الإشارة للقرب للتعظيم كما ذكر في علم المعاني، وقال الطيبي (٤): عبر بهذه العبارة التي ليس فيها تعظيم امتحانًا للمسؤول لئلا يتلقن تعظيمًا


(١) "كتاب الميسر" (١/ ٧٠).
(٢) "القاموس المحيط" (ص: ٢٩٥).
(٣) "شرح الطيبي" (١/ ٢٧٨).
(٤) "شرح الطيبي" (١/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>