للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٥٢١ - [٨] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: إِنَّ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اسْقِهِ عسَلًا" فَسَقَاهُ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا، فَقَالَ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ جَاءَ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: "اسْقِهِ عَسَلًا". فَقَالَ: لَقَدْ سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا استِطْلَاقًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ" فَسَقَاهُ فَبَرَأَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٥٦٨٤، م: ٢٢١٧].

ــ

٤٥٢١ - [٨] (أبو سعيد الخدري) قوله: (صدق اللَّه) الأكثرون على أن المراد به صدق تعالى في قوله: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: ٦٩]، وقال بعضهم: أوحي إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن شفاء بطنه في شربة عسل، وقال: هذا التوجيه أولى؛ لأن قوله: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} لا يدل على أن العسل شفاء لكل داء، على أنّ مجاهدًا ذهب إلى أن الضمير راجع إلى القرآن وإن كان ضعيفًا من القول مخالفًا للظاهر، ولما ذهب إليه جمهور المفسرين من الصحابة والتابعين، والأحاديث الواردة في ذلك.

وقوله: (وكذب بطن أخيك) أي: أخطأ الشفاء ولم يقبله، والعرب يستعمل الكذب في الخطأ، يقول: كذب سمعه: إذا أخطأ ولم يدرك حقيقة ما سمع، وقال الإمام فخر الدين الرازي (١): إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أدرك بنور الوحي أن العسل ينفع آخرًا عن استطلاق بطنه، ولما لم يظهر في الحال كأنه قال البطن أو صاحب البطن: إنه غير نافع عنه، وقد كذب في هذا القول، فلهذا المعنى أطلق الكذب، فافهم.

وقوله: (فسقاه فبرأ) وقد ظهر من هذا كمال حذاقته -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا العلاج، وذلك لأن الاستطلاق كان لامتلاء المادة الفاسدة فلا بد من إخراجه، ولهذا كرر الأمر بسقيه؛


(١) "التفسير الكبير" (٢٠/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>