للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(النهاية) (١): العدوى: اسم من الإعداء كالبقوى من الإبقاء، وقال التُّورِبِشْتِي في (شرح المصابيح) (٢): العدوى مجاوزة العلة والخلق إلى الغير، وهو بزعم أهل الطب في سبع: الجذام، والجرب، والجدري، والحصبة، والبخر، والرمد، والأمراض الوبائية.

قال القاضي عياض المالكي في (مشارق الأنوار) (٣): العدوى: ما كانت تعتقده أهل الجاهلية من تعدي داء ذي الداء إلى من يجاوره ويلاصقه ممن ليس به داء، فنفاه الشرع.

وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا عدوى) يحتمل النهي عن قول ذلك واعتقاده أو النفي لحقيقة ذلك كما قال: (لا يعدي شيء شيئًا) وقوله: (فمن أعدى الأول) وكلاهما مفهوم من الشرع، وتفصيل الكلام في هذا المقام أنه قد اختلف العلماء في تأويل قوله: (لا عدوى) فمنهم من يقول: إن المراد منه نفي ذلك وإبطاله على ما يدل عليه ظاهر الأحاديث والقرائن المسبوقة على العدوى، وهم الأكثرون، ومنهم من يرى أنه لم يرد إبطالها، فقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (وفر من المجذوم فرارك من الأسد)، وقال: (لا يوردن ذو عاهة على مصح)، وإنما أراد بذلك نفي ما كان يعتقده أصحاب الطبيعة، فإنهم كانوا يرون العلل المعدية مؤثرة لا محالة، فأعلمهم بقوله هذا أن ليس الأمر على ما يتوهمون، بل هو متعلق بالمشيئة، إن شاء اللَّه كان، وإن لم يشأ لم يكن، ويشير إلى هذا المعنى، قوله: (فمن أعدى الأول) أي: إن كنتم ترون أن السبب في ذلك العدوى لا غير، فمن


(١) "النهاية" (٣/ ١٩٢).
(٢) "كتاب الميسر" (٣/ ١٠١٠).
(٣) "مشارق الأنوار" (٢/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>