أن التأثير بالذات منفي، واعتقاده من أمور أهل الجاهلية، والمؤثر في الكل هو اللَّه، والكل بخلقه وتقديره، وإثباتها في هذه الأشياء بجريان عادة اللَّه سبحانه بالخلق فيها، وجعلها أسبابًا عادية، فالنفي راجع إلى التأثير بالذات، والإثبات بالعادة، والحكمة في تخصيص هذه الأشياء موكولة إلى علم الشارع، وقيل: المراد ليس التطير في شيء، وإن فرض ثبوتها فهذه الأشياء مظنتها ومحلها، ومناسبة لأن يكون فيها على طريقة قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين)، وهذا المعنى صريح في لفظ الشرط وغيره محمول عليه، وعليه كلام القاضي حيث قال: وتعقيب قوله: (ولا طيرة) بهذه الشرطية يدل على أن الشؤم منفي عنها أيضًا، والمعنى أن الشؤم لو كان له وجود في شيء لكان في هذه الأشياء، فإنها أقبل الأشياء لها، لكن لا وجود له فيها ولا وجود له أصلًا، انتهى.
وقيل: الشؤم في المرأة أن تكون ناشزة وغير ولود، ولا مطيعة لزوجها، أو مكروهة ومستقبحة عنده، وفي الدار ضيقها، وسوء جيرانها، وعدم طيب هوائها، وفي الفرس حرانها، وغلاء ثمنها، وعدم موافقتها للمصلحة، ومثل هذا في الخادم، أو الشؤم محمول على الكراهة التي سببها ما في الأشياء من مخالفة الشرع أو الطبع، ويؤيده ما ذكره في (شرح السنة)(١) كانه يقول: إن كان لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس لا يعجبه فليفارقها بأن ينتقل عن الدار، ويطلق المرأة، ويبيع الفرس حتى يزول عنه ما يجده من الكراهة.