للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٠٨ - [٣] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٦٩٨٣، م: ٢٢٦٤].

ــ

ما هي حسنة ظاهرًا وباطنًا كرؤية الأنبياء والأولياء والكلام معهم، أو ظاهرًا فقط كسماع الملاهي والملاعب، أو قبيح ظاهرًا وباطنًا كلدغ الحيات والعقارب، أو قبيح ظاهرًا فقط كذبح الولد، أقول: الظاهر أن العبرة في حسن الرؤيا وقبحها بتعبيرها، فإن وقع التعبير بشيء حسن فهو حسن عند الرائي، وقبيح فقبيح، فتأمل، وقد يفسر الصالحة بالصادقة، والمعنى الأول وإن كان أظهر وأوفق بمعنى المبشرات، ولكن سياق الحديث ينظر إلى المعنى الثاني؛ لأن المعتبر في النبوة هو الخبر الصادق مبشرًا كان أو منذرًا فإطلاق المبشرات بتغليب أو تجريد، والمراد المخبرات.

٤٦٠٨ - [٣] (أنس) قوله: (الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) الصواب أن المراد بالصالحة هنا الصادقة كما ذكرنا، وليس هنا ما ينظر إلى كونها بمعنى الحسنة كما كان في الحديث السابق، ثم الظاهر أن المراد بالجزء ليس ما هو مصطلح أرباب المعقول حقيقة، بل المراد أن الرؤيا الصالحة من لواحق النبوة وصفات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولا شك أن صفات الأنبياء باقية بعدهم ويتصف بها من سواهم من الصالحين.

والمقصود مدح الرؤيا وإعلاء درجتها وأنها من عالم الوحي ومشابهة له وإن لم يكن صاحبها نبيًّا كما جاء في الحديث: (السمت الحسن والتُؤَدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءًا من النبوة) (١)، بل جميع صفات الكمال أصله ومنبعه النبوة، والتخصيص لمزيد الاختصاص والامتياز، ولا شك أنها موجودة في غير الأنبياء لأن


(١) أخرجه الترمذي في "سننه" (٢٠١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>