وقوله:(أن ترفع الحجاب) وكان لبيوته -صلى اللَّه عليه وسلم- حجب من حصير، و (السواد) بكسر السين: المساودة، يقال: ساودته مساودة وسوادًا، أي: مسارة وسرارًا، وهو المكالمة سرًّا، والمراد به المبالغة، أي: وإن كنت أسارر أحدًا ففي صورة المجاهرة يدخل بطريق الأولى، والغرض المعر فة بوجوده -صلى اللَّه عليه وسلم- في البيت.
٤٦٦٩ - [٣](جابر) قوله: (في دين) أي: في قضية دين أو من جهته؛ فإن أباه عبد اللَّه الأنصاري قد استشهد في غزوة أحد وترك دينًا، فشدد على جابر غرماؤه، فأتى جابر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليعرض قصته عليه، وكان مال أبيه الذي تركه قليلًا، وما هو إلا شيء من التمر على النخل، فبورك فيه بمعجزته -صلى اللَّه عليه وسلم- وبقي بعد وفاء الدين كما كان، وذلك مذكور في الأحاديث.
وقوله:(كأنه كرهها) وجه الكراهة أن السؤال للاستكشاف ودفع الإبهام، ولا يحصل ذلك بمجرد قوله:(أنا) إلا أن يضم إليه اسمه أو كنيته أو لقبه.
نعم قد يحصل التعيين بمعرفة الصوت، ولكنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنكر هذه الكلمة على جابر تعليمًا للأدب، وبيانًا لقاعدة الباب، وقيل: إنما كرهها لتركه الاستئذان بالسلام، والأول هو الأظهر، وإنما كرر (أنا) تأكيدًا، وهو الذي يفهم منه الإنكار عرفًا، فافهم.
وأما ما حكي من بعض المتصوفة من أنه يكره للرجل أن يجري على لسانه (أنا)