للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار)، قالوا: هذا إذا طلب من أحد، أما لو لم يطلب ولم يتوقع أن يقوم له أحد ووقف أحد من تلقاء نفسه طلبًا للثواب فلم يكن عليه بأس، ويستحب للرجل أن يكرم أهل الفضل من غير إفراط، ولا يجوز أن يكرم أحدًا لأجل دنياه، فقد ورد فيه وعيد شديد، وما جاء في حديث أنس -رضي اللَّه عنه- من كراهته -صلى اللَّه عليه وسلم- قيام الصحابة له؛ فإنما هي من جهة الاتحاد الموجب لرفع التكلف والحشمة لا للنهي عنه.

وقال الشيخ محيي الدين النووي (١): القيام للقادم من أهل الفضل مستحب، وقد جاءت فيه أحاديث، ولم يصح في النهي عنه شيء صريح، ونقل القاضي عياض: القيام المنهي عنه هو أن يقوموا عليه طول جلوسه، وعن الغزالي (٢) أنه قال: المنهي القيام للتعظيم لا على سبيل الإكرام، أو لا بد من بيان الفرق بين التعظيم والإكرام، فافهم.

وقال الطيبي (٣): إن ذلك يختلف بحسب الأزمان والأحوال والأشخاص، انتهى.

قد عرفت مما ذكرنا أن القيام المذكور مما تكلم فيه العلماء واختلفوا، ليس كما يقال: إن ذلك بدعة لم يكن في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، نعم لم يكن ذلك متعارفًا فيه كما في هذا الزمان، بل كانوا غير متكلفين في أحد الجانبين، بل الظاهر أن الغالب في ذلك الزمان عدم القيام، وأما أنه بدعة مطلقًا فكلَّا، واللَّه أعلم، فتدبر.


(١) "شرح صحيح مسلم" للنووي (١٢/ ٩٣).
(٢) انظر: "إحياء علوم الدين" (٢/ ٢٠٥).
(٣) "شرح الطيبي" (٩/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>