للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَخَطَبَا، فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: ٥٧٦٧].

ــ

اللحية، ولقب الحصين بن بدر الصحابي؛ لجماله أو لصفرة عمامته، أو لأنه لبس حلة وراح إلى ناديهم، فقالوا: زبرق حصين.

والأهتم لقب سنان بن خالد؛ لأن ثنيته هتمت يوم الكلاب، أي: كسرت، وقصتهما أن الزبرقان تفاخر وتكلم في فضائله بكمالات (١) فصيحة، فأجابه عمرو ونسبه إلى اللؤم بكلام بليغ، وقال الزبرقان: واللَّه يا رسول اللَّه! إنه قد علم مني غير ما قال، وما منعه أن يتكلم بذلك إلا الحسد، فأجابه عمرو ثانيًا بما هو أبلغ من الأول.

وفي (إحياء العلوم) (٢): مدحه يومًا ثم ذمه يوما آخر، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ما هذا؟ ) قال: لقد صدقت فيما قلت أولًا وما كذبت فيما قلت ثانيًا، هو أرضاني أمس فقلت أحسن ما علمت فيه، وأغضبني اليوم فقلت أقبح ما وجدت فيه، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إن من البيان لسحرًا) يعني بعض البيان بمثابة السحر في صرف القلوب وإمالتها إلى الباطل، وظاهر سياق المقصد أنه ذمه على تشدق اللسان وتلون الكلام تارة فتارة، لكنهم اختلفوا في تأويله، فمنهم من حمله على الذم في التصنع في الكلام والتكلف لتحسينه ليشتمل به قلوب السامعين ويصرفها إلى قبول قوله، وإن كان غير حق، ويتكلف بزيادة ما لا يعني، ويخلط بالتلبيس، ويذهب بحق الغير، كحديث: (لعل بعضكم ألحن بحجته)، وذهب آخرون أن المراد منه مدح البيان والحث على تحسين الكلام وتحبير الألفاظ، ولفظ الحديث على ما رواه المؤلف محتمل للوجهين، فالحاصل


(١) كذا في الأصل، والظاهر: "بكلمات".
(٢) "إحياء علوم الدين" (٢/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>