للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: ٢٠٢٧].

ــ

الفحش في الكلام، وقال في (القاموس) (١): البذاء: الكلام القبيح، والبذي كرضي: الرجل الفاحش، وفي (الصراح) (٢): البذاء: بيهوده كَفتن، وأصله بذاءة فحذفت الهاء، مثل كرامة وصلابة، والبيان عرف معناه، وإنما كان العي شعبة من الإيمان، والبذاء والبيان شعبة من النفاق؛ لأن المؤمن لحيائه وانكساره ومسكنته وشغله بالعبادات وإصلاح الباطن وهمّ الآخرة وعدم تشدقه باللسان لا يقدر على التقرير والبيان، ويعجز عن ذلك، بخلاف المنافق؛ فإنه بذيء فاحش جريء على البيان والتشدق، ويؤول معنى هذا الحديث إلى معنى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (المؤمن غر كريم، والمنافق خب لئيم)، ويمكن حمل العي على المعنى الثاني، وهو عدم الاهتداء في الأمور والعجز عن أحكامها، فيكون أقرب معنى إلى هذا الحديث.

وقال الطيبي (٣): إن الإيمان يكون باعثًا على الحياء والتحفظ في الكلام والاحتياط فيه، وهو علامة الإيمان، وما يخالفها من النفاق، وعلى هذا يكون المراد بالعي ما يكون بسبب التأمل في المقال والتحرز عن الوبال، لا لخلل في اللسان، وبالبيان ما يكون سببه الاجتراء وعدم المبالاة بالطغيان وعدم التحرز عن الزور والبهتان، ولعله إنما قوبل العي في الكلام مطلقًا بالبيان الذي هو التعمق في المنطق وإظهار التقدم على الناس مبالغة في ذم البيان، وإن هذه النقيصة ليست بمضرة للإيمان مضرة ذلك البيان، فتدبر.


(١) "القاموس المحيط" (ص: ١١٦١).
(٢) "الصراح" (ص: ٥٤٤).
(٣) "شرح الطيبي" (٩/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>