للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي. . . . .

ــ

القوم أو من فرد يكون أكرم منه، وإن أرادوا الأكرم حسبًا ونسبًا، والحسب ما يعده الرجل ويفتخر به من الفضائل الشريفة والخصائل الحميدة توجد فيه وفي آبائه، فأجاب -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه يوسف عليه وعلى آبائه التحية والسلام؛ لأنه اجتمع له شرف النبوة، والعلم والجمال، والعفة وكرم الأخلاق، وكرم الآباء والعدل، ورياسة الدنيا والدين، وشرف النسب؛ لأنه نبي من نبي، رابع أربعة في النبوة، وإن أرادوا الأكرم من حيث الحسب والفضائل التي يعد ويفتخر من غير اعتبار التقوى والنسب، وهو المراد بمعادن العرب، أي: ذواتهم ورجالهم الذين يفتخرون بفضائلهم لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة)، فسألوا أيهم أكرم؟ فأجاب بأن أكرمهم وخيارهم الذين كانوا كذلك في الجاهلية؛ لأنهم إنما كانوا رؤساءهم وكبراءهم في الجاهلية لأجل صفات عظيمة تميزوا وتفوقوا بها على غيرهم، غير أنهم كانوا مظلمين بظلمات الجهل والكفر، منغمسين في مقتضيات أهوائهم وشهواتهم، فلما آمنوا واتصفوا بالعلوم الشرعية والأخلاق الإيمانية ذهبت ظلماتهم وتبدلت صفاتهم العارضة على ذواتهم، وتولى اللَّه تعالى أمرهم وأخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين لم يؤمن منهم تركه اللَّه في ظلمات لا يبصرون، كالمعادن بعضها من الفضة وبعضها من الذهب وبعضها من الحديد مثلًا متميزة بأصول ذواتها، غير أنه قد يكون الذهب أو الفضة مختلطًا بالتراب والمواد الكثيفة، فيذاب وينقى عن الكدورات والكثافات فيصير خالصًا نقيًّا، فافهم، وباللَّه التوفيق.

ثم إنه قد كتب (ابن) في (يوسف نبي اللَّه بن نبي اللَّه بن نبي اللَّه بن خليل اللَّه) بدون الألف (١)، وليس واقعًا بين العلمين، اللهم إلا أن يقال: إن (نبي اللَّه) هنا عبارة


(١) لعله وقع في نسخة الشارح رحمه اللَّه، وأما النسخة الهندية ففيها بإثبات الألف، وكذا قال =

<<  <  ج: ص:  >  >>