للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ فَحَلَبْتُ بَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيْهِمَا قَبْلَ وَلَدِي، وَإِنَّهُ قَدْ نَأَى بِي الشَّجَرُ، فَمَا أَتَيْتُ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَجِئْتُ بِالْحِلَابِ فَقُمْتُ عِنْدَ رُؤُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي. . . . .

ــ

لغنيمات، أو أرعى الغنيمات منفقًا عليهم، كذا قالوا، ولعل تخصيص الغنيمات باعتبار العادة؛ فإن أكثر أحوال الفقراء ذوي العيال رعيها، أو علم ذلك بالنقل.

وقوله: (وإنه قد نأى) وفي بعض الروايات: (ناء)، وكلاهما لغتان مشهورتان بمعنى بعد، والأول أكثر استعمالًا، وهو قراءة أكثر القراء في قوله تعالى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} [الإسراء: ٨٣]، وقرأ ابن عامر: {نَاءَ}، قال البيضاوي (١): هو على القلب، وقال الجلبي: نحو راء رأى، والصواب أنهما لغتان.

ومعنى قوله: (نأى بي الشجر) أي: ذهبت في طلب المرعى بعيدًا حتى أمسيت، والباء في (بي) للتعدية.

وقوله: (فجئت بالحلاب) هو يجيء بمعنى المحلوب، والإناء الذي يحلب فيه، وكلاهما محتمل الإرادة هنا.

وقوله: (يتضاغون) بالضاد والغين المعجمتين، ضَغَا يَضْغو ضَغْوًا وضُغاءً: إذا صاح وزج، وتقديم الأصول في الإنفاق يكون مشروعًا جائزًا في شريعتهم، أو كانت الصبية يطلبون الزائد على سد الرمق، كذا قالوا.

وقوله: (عند قدمي) بلفظ الإفراد والتثنية، والثاني أصح.


(١) "تفسير البيضاوي" (٣/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>