قوله، والمصدوق من صدَقه غيرُه، أي: أخبره بخبر صادق، يقال: صدق زيد عمرًا أي: أخبره بالصدق، واللَّه تعالى صدق نبيه وأخبره بأخبار صادقة، وكذلك جبرئيل صدقه.
وقوله:(لا تنزع الرحمة إلا من شقي) النزع يكون بعد الوضع، وفيه إشارة إلى أن سلبها عن قلب أحد بعد وجودها فيه علامة الشقاوة وأشد وأغلظ، ويحتمل أن يكون من قبيل سبحان من صغّر البعوض وعظّم الفيل، وقولهم: ضيق فم البئر وإن كان بينهما تفاوتٌ مَّا، فافهم.
٤٩٦٩ - [٢٣](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (الراحمون يرحمهم الرحمن) جمع راحم، ولم يأت بالرحماء جمع رحيم، وإن كان غالب ما ورد في الرحمة استعمال الرحيم لا الراحم؛ إيذانًا بأن الرحيم صيغة مبالغة، فلو أتى بجمعها لاقتضى الاقتصار عليه، وإنما أتى بالرحماء في خبر (إنما يرحم اللَّه من عباده الرحماء)؛ لأن لفظ الجلالة حيث ورد يكون الكلام مسوقًا للتعظيم، فبعد ذكره يناسب ما فيه الدلالة على كثرة الرحمة، والرحمن يدل على العفو والمبالغة فيه، علم ذلك بالاستقراء، فذكر مع الرحمن كل ذي رحمة وإن قلّت، كذا ذكر السيوطي، يريد أن ذكر اللَّه تعالى لما كان دالًّا على العظمة والكبرياء دل على الرحمة الكاملة العظيمة منه تعالى، فيكون جزاء للرحمة الكاملة من العبد، وذكر الرحمن يدل على العفو، فيكفي في استحقاقه أصل الرحمة وإن لم