وقال الطيبي (١): يمكن أن يقال: إن وجه التشبيه ارتكاب الأمر العظيم كإحياء الموؤدة، فإنه أمر عظيم فشبه به؛ لأن من أراد أن يستر عيب مؤمن وعرضه إذا تصور أنه أحيا الموؤدة عظم عنده ستر عورة المؤمن، فيتحرى فيه ويبذل جهده، انتهى.
ولا يخفى أن هذا الوجه لا يوجب التشبيه بإحياء الموؤدة على الخصوص؛ فإن الأمور العظيمة كثيرة، فالوجه الأول هو الأقرب، واللَّه أعلم.
٤٩٨٥ - [٣٩](أبو هريرة) قوله: (المؤمن مرآة المؤمن) أي: يريه ما فيه من العيوب بإعلامه بها وتنبيهه عليها، كالمرآة تري كل ما في وجه الشخص ولو كان أدنى شيء، فالمؤمن يطلع على عيوبه بإعلام مؤمن آخر، كما يطلع على قبائح وجهه بالنظر في المرآة، فينبغي للمؤمن أن يميط الأذى والعيب عنه، ويشتغل بإصلاح حاله بأي وجه، كما قال رويم: لا يزال الصوفية بخير ما تنافروا؛ فإذا اصطلحوا هلكوا، وأيد هذا المعنى بقوله:(والمؤمن أخو المؤمن) أي: ناصحه ومعاضده (يكف عنه ضيعته) أي: تَلَفَه وخسرانه، والضيعة: مرة من الضياع، (ويحوطه من ورائه) أي: ضرره وهلاكه، وقد يقال في معنى (المؤمن مرآة المؤمن): إن المسلم إذا رأى عيبًا ونقصانًا في مسلم آخر ينبغي أن يحمل على أن هذا عيبه ونقصانه يرى فيه، فينتبه ويرجع إلى نفسه فيقوم في مقام إزالته وإصلاح حاله، وهذا معنى صحيح دقيق، ولكن سوق الحديث