للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا، فَقَالَ: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ،

ــ

والقول البليغ هو الذي يطابق مدلولُه المقصودَ به، وفي (القاموس) (١): ثناء أبلغ: مبالغ فيه، وشيء بالغ: جيد، والبليغ: الفصيح يبلغ بعبارته كُنْهَ ضميره، وعلى هذا يمكن أن يكون وصفُ الموعظة بالبليغة وصفًا للشيء بصفة صاحبه.

وقوله: (ذرفت منها العيون) (٢) في (القاموس) (٣): ذرف الدمع يَذْرِفُ ذَرْفًا وذَرَفَانًا [وذروفًا] وذريفًا وتَذرافًا: سال، وذرفت عينه: سال دَمْعُها، والعينُ دَمْعَها: أسالَتْهُ، والدَّمْعُ مَذْروفٌ وذَرِيفٌ، والمذَارِفُ: المَدَامِعُ.

وقوله: (ووجلت منها) أي: خافت منها (القلوب) يعني أن تلك الموعظة أثرت في الظاهر والباطن.

وقوله: (موعظة مودع) بلفظ اسم فاعل من التوديع، والمودِّع لا يترك من وصيته عند توديعه شيئًا.

وقوله: (بتقوى اللَّه والسمع والطاعة) إشارة إلى أن قبول حكم الأمراء وإطاعتَهم إنما يكون فيما يوافق حكم اللَّه ورسوله لا فيما يخالف.


(١) "القاموس المحيط" (ص: ٧١٩).
(٢) قَالَ الطِّيبِيُّ: ذَرَفَتْ، أَيْ: سَالَتْ، وَإِسْنَادُهُ إِلَى الْعُيُونِ مُبَالَغَةٌ، وَفَائِدَةُ تَقدِيمِ ذَرَفَتْ عَلَى وَجِلَتْ وَحَقُّهُ التَّأْخِيرُ لِلإِشْعَارِ بِأَنَّ تِلْكَ الْمَوْعِظَةَ أَثَّرَتْ فِيهِمْ وَأَخَذَتْ بِمَجَامِعِهِمْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ إِنَّمَا هِيَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِلتأْخِيرِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: وَجْهُهُ أَنَّ الظَّاهِرَ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ، يُسْتَدَلُّ بِالدَّمْعَةِ عَلَى الْخَشْيَةِ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ مُوجِبَةً لِلدَّمْعَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. "مرقاة المفاتيح" (١/ ٢٥١).
(٣) "القاموس المحيط" (ص: ٧٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>