(هذا سبيل اللَّه) وهو الاعتقاد الصحيح والعمل الصالح مع مراتب ودرجات فيها، (ثم خطّ خطوطًا عن يمينه وعن شماله) وهي الطرق الزائغة المائلة عن الطريق المستقيم والسبيل القويم التي اخترعتها أهل البدع والأهواء، لكنها لما كانت راجعة إلى الطريق الوسط ومجتمعة معها لم يكن سالكوها كفارًا؛ لرجوع هؤلاء إلى أصل الكتاب والسنة وكونهم مؤمنين بها، فالحق عدم تكفير أهل القبلة، وهذه بعينها توجد في الطرق المحسوسة، فترى واحدًا يسلك الطريق المستقيم المتوسط ولا ينحرف إلى يمين وشمال، وآخرين ينحرفون ويزيغون عنها، ثم يرجعون إلى الطريق الكبرى المستقيم قريبًا وبعيدًا، فهذا أمثال أهل البدع والأهواء من المسلمين، وأصل مقصدهم هو المقصد الذي يقصده سالك الصراط المستقيم لكن ضلوا في الطريق، ومثل الكافر كمن يمشي مستدبرًا للطريق المستقيم، فطريق الحق وراء ظهره، والمبتدع على جانب منه يمينًا أو شمالًا.
ثم إنه لم يذكر في الحديث عدد الخطوط التي على اليمين والشمال ولم يصرحوا به الشراح فيما رأينا سوى ما ذكر في (المدارك)(١) في تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: ١٥٣] أنه روي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطّ خطًا مستقيمًا مستويًا، ثم قال:(هذا سبيل الرشد وصراط اللَّه فاتبعوه، ثم خطّ على كل جانب سمتة خطوط ممالة، ثم قال: هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه فاجتنبوها) وتلا هذه الآية، ثم يصير كل واحد من اثني عشر