للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي اللَّهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ وَمَا لِي وَلبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبْطُ بِلَالٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وقَالَ: وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ: حِينَ خَرَجَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- هَارِبًا مِنْ مَكَّةَ وَمَعَهُ بِلَالٌ، إِنَّمَا كَانَ مَعَ بِلَالٍ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَحْمِلُ تحتَ إِبْطِهِ. [ت: ٢٤٧٢].

ــ

وقوله: (في اللَّه) أي: لأجل إظهار دين اللَّه، (وما يخاف أحد) على صيغة المجهول أيضًا، وهي جملة حالية، أي: خوفت في دين اللَّه وحدي، وما معي أحد يشاركني، وكنت وحيدًا في ابتداء إظهار الدين، وكذا معنى قوله: (ولقد أوذيت في اللَّه وما يؤذى أحد) أي: لم يوافقني أحد في تحمل الأذى، كذا قال الطيبي (١)، ويجوز أن يكون معناه: ما يخاف أحد مثل ما أخفت، وما يؤذى مثل ما أوذيت، كما يدل عليه حديث: (ما أوذي نبي مثل ما أوذيت)، وذلك لعلو درجته وكمال صدقه وغاية حرصه على الهداية، وإيذاء كل أحد إنما يكون على حسب قدره وحاله، فافهم.

وقوله: (ثلاثون من بين ليلة ويوم) قيل: هي تأكيد للشمول، أي: ثلاثون يومًا وليلة متواترات لا ينقص منها شيء، يعني لو قال: ثلاثون يومًا وليلة لم يكن نصًّا في التواتر، وزيادة قوله: (من بين) يقيد الشمول والتواتر، كذا قالوا، فتدبر.

وقوله: (يأكله ذو كبد) أي: حيوان، أعم من الإنسان، و (الإبط) بكسرتين وكسر وسكون، ["إلا شيء"] أي: شيء قليل.

وقوله: (ومعنى هذا الحديث) أي: محمله حال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين خرج ومعه بلال،


(١) "شرح الطيبي" (٩/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>