للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٢٨٩ - [٦] وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا. . . . .

ــ

٥٢٨٩ - [٦] (شداد بن أوس) قوله: (الكيس) بفتح الكاف وتشديد الياء المكسورة، من الكياسة، وهي الحذق والفطانة، خلاف الحمق والبلادة.

وقوله: (من دان نفسه) في (الصحاح) (١): دان لازم ومتعد، يقال: دان له، أي: انقاد له وأطاعه، ودانه، أي: أذله واستعبده، وفي الحديث: (الكيس من دان نفسه)، وفي (القاموس) (٢): دان فلانًا: حمله على ما يكره وأذلّه.

اعلم أن الدين يجيء بمعنى الجزاء، دنته، أي: جازيته، ويجيء بمعنى العمل، وفيهما استعمل في قولهم: كما تدين تدان، والعبادة والطاعة والذل والحساب والقهر والغلبة والاستعلاء والإكراه، ولمعان أخر ذكرت في كتب اللغة، وإذا كان بمعنى الذل والطاعة يجيء لازمًا ومتعديًا؛ وإذا كان بمعنى الحساب والقهر والغلبة فهو متعدي، فمعنى قوله: (دان نفسه) على هذا: حاسبها وقهرها، وغلبها واستعلاها، فتدبر.

وقوله: (والعاجز من أتبع نفسه هواها) بفتح الهمزة وسكون التاء من باب الإفعال، و (نفسه) و (هواها) مفعولاه، ثم اعلم أنه يستعمل العاجز في مقابلة الكيس كما في حديث آخر: (المؤمن الكيس خير من المؤمن العاجز)، والمقابل الحقيقي للكيسر، البليد؛ لأن الكياسة تستلزم القدرة والرأي والتجارب وتمشية الأمور، والبلادة تستلزم العجز فيها، والحاصل أن الناس يمدحون الكياسة والفطانة في أمور الدنيا ومهماتها، ويذمون العجز فيها، وفي الحقيقة الكياسة المحمودة هي القدرة على حبس


(١) "الصحاح" (٥/ ٢١١٨).
(٢) "القاموس المحيط" (ص: ١٠٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>