للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمد: خويشتن رابه نيكي بخلق ثمودن، وهو طلب المنزلة عند الناس بالعبادة، فيختص بعمل الظاهر، وما لا يكون من قسم العبادة لا يكون فيه رياء، ككثرة المال والأتباع، وحفظ الأشعار، وحسن الرمي، وإنما هو تكبر وافتخار، وكذلك ما لا يطلب منه المنزلة والجاه عند الناس، كاستمالة قلوب المريدين وترغيبهم وحثهم الاتباع، وفي ذلك قيل: رياء الصديقين خير من إخلاص المريدين.

قال بعض المشايخ: الرياء أن يكون في شخص كمال في الواقع ويريد به الناس، ويحب أن يظهر ذلك عليهم، وأما إذا لم يكن فيه ذلك ويريه الناس ويحب أن يعلموه منه فذلك كذب ونفاق لا رباء، على قياس ما يقال: إن الغيبة أن تقول ما في أخيك من العيب، وأما إذا لم يكن فيه ذلك فذلك بهتان وافتراء، وأفحش الرياء وأقبحها أن لا يريد الثواب أصلًا، وهو في غاية المقت، حتى قيل: إنه لا يبرئ الذمة ويجب القضاء، ثم ما فيه إرادتان والرياء غالب، وهو بقربه، ثم ما استويا فيه، والظاهر فيه أن لا يكون له ولا عليه، ويرجى العفو، على قياس قوله تعالى: {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٢]، ولكن الأحاديث والآثار ناظرة في الوعد عليه وعدم القبول، واللَّه أعلم. ثم ما ترجح فيه نية الثواب، والظاهر فيه النقصان لا البطلان، أو الثواب والعقاب بحسب القصدين.

ثم قد فرقوا بين وجود الرياء في ابتداء العمل وعروضه في أثنائه ولحوقه بعد تمامه، والأول أشنع، ثم الثاني، والثالث أدنى لا يبطل ما تقدم، وأيضًا فرق بين قوته والتصميم عليه وبين خطوره والوقوع فيه، وههنا حالة أخرى، وهي الفرح والسرور بفضل اللَّه ورحمته وحسن لطفه تعالى بإخفاء الذنوب وإظهار الطاعات أو باقتداء من

<<  <  ج: ص:  >  >>