للعبادة، سميت الحجة سلطانًا لتسلطها على القلوب، ولهذا سميت حجة، من حج: إذا غلب، (فمقتهم) أي: أبغضهم لاتفاقهم وانهماكهم على الشرك والضلال، و (عربهم وعجمهم) بدل من الضمير المنصوب في (مقتهم)، وذلك قبل مجيئه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقوله:(إلا بقايا من أهل الكتاب) وهم الذين ثبتوا على الإيمان بموسى وعيسى -عليهما السلام- ومتابعتهما، ولم يحرفوا كتابهم، ولم ينحرفوا عن جادتهم.
وقوله:(لأبتليك) خطاب من اللَّه للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أي: لأمتحنك هل تبلغ الرسالة عني، وهل تصبر على إيذاء قومك إياك؟ وأمتحن الخلق بك هل يقبلون رسالتك ويمتثلون أمرك؟
وقوله:(وأنزلت عليك كتابًا لا يغسله الماء) أي: لا ينمحي أبدًا، بل محفوظ في صدور العالمين، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ}[فصلت: ٤٢]، وكانت الكتب المنزلة لا تجمع حفظًا، وإنما يعتمد في حفظها على الصحف بخلاف القرآن [فإن حفاظه أضعاف مضاعفة لصحفه] فلا يتطرق إليه الذهاب على ممر الزمان، بل اللَّه تعالى حافظه وواقيه عن التحريف والتبديل، ولم يعتمد على حافظ؛ لقوله تعالى:{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩]، وقال في التوراة:{بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ}[المائدة: ٤٤]، لا جرم تطرق إليه التحريف والتبديل، أو باقيًا دائمًا مستمرًّا لا ينسخ بالكلية.
وقوله:(تقرؤه نائمًا ويقظان) أي: تجمعه حفظًا في حالتي النوم واليقظة، وقيل: أي يقرأ في يسر وسهولة.