أَلِيمٌ} [الدخان: ١٠ - ١١]، فالأكثرون على أن المراد به ما أصاب قريشًا من القحط في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بدعائه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليهم بقوله:(اللهم اجعلها سنين كسني يوسف)، فابتلوا بالقحط سبع سنين، فكانوا يأكلون الجلود والجيف حتى جيف الكلاب وعظامها، ويرى لهم الهواء في الجوّ كالدخان، فإن الجائع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان من ضعف بصره، ولأن الهواء يظلم عام القحط لقلة الأمطار وكثرة الغبار، ولأن العرب تسمي الشر الغالب دخانًا، وهذا قول ابن مسعود ومن تبعه، وقد ورد في (صحيح البخاري) وغيره في ذلك أحاديث، وقد ذهب البعض إلى أن المراد به ظهور الدخان المعدود في أشراط الساعة، وهذا قول حذيفة وتابعيه؛ لأنه قد روى أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما ذكر الآيات وعدّ منها الدخان كما في هذا الحديث سئل عنه وما الدخان يا رسول اللَّه؟ قرأ هذه الآية وقال:(يملأ ما بين المشرق والمغرب، يمكث أربعين يومًا وليلة، فالمؤمن يصير كالزكام، والكافر كالسكران)، الحديث (١).
وقوله:(والدابة) أي: دابة الأرض المذكورة في قوله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} الآية [النمل: ٨٢]، قيل: طولها ستون ذراعًا ذات قوائم ودبر، وقيل: مختلفة الخلقة تشبه عدة من الحيوانات، يتصدع جبل الصفا فتخرج منه ليلة جمع ومعها عصا موسى عليه السلام وخاتم سليمان، لا يدركها طالب، ولا يعجزها هارب، تضرب المؤمن بالعصا وتكتب في وجهه: مؤمن، وتطبع الكافر بالخاتم وتكتب في وجهه: كافر، وروي أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل عن مخرجها فقال: من أعظم المساجد حرمة على اللَّه، يعني المسجد الحرام.
وقوله:(وطلوع الشمس من مغربها) سيأتي في الحديث بيانه وكيفيته.