للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيلًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ، اعْمَدُوا إِلَى مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِيمًا، فَيَأْتُونَ مُوسَى عليه السلام (١) فَيَقُولُ: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى كَلِمَةِ اللَّهِ وَرُوحِهِ، فَيَقُولُ عِيسَى: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَيَقُومُ فَيُؤْذَنُ لَهُ، وَتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ فَيَقُومَانِ (٢) جَنَبَتَي الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ". قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَيُّ شَيْءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ؟ قَالَ: "أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيح، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، وَشَدِّ الرِّجَالِ،

ــ

وقوله: (إنما كنت خليلًا من وراء وراء) قال في (المشارق) (٣): أي من غير تقريب ولا إدلال بخواص الخلة، ثم إن هذين اللفظين رويا بالفتح فيهما وبالضم، أما الضم فظاهر للقطع عن الإضافة؛ لأن التقدير وراء ذلك، ولكن الفتح هو المشهور، ووجهوه بأن الكلمة كأنها مركبة فبنيا على الفتح، وقيل: معناه إني أعطيت المكانة بوساطة جبرئيل عليه السلام، فأنا وراء موسى الذي حصل له السماع بغير واسطة، وهو وراء محمد الذي حصل له السماع بلا واسطة، والرؤية أيضًا، فأنا وراء وراء.

وقوله: (فيأتون محمدًا) الظاهر أن يقول: فيأتوني ووضع المظهر موضع المضمر وقع في غاية موقعه، فإنه يدل على أنهم يأتون عظيمًا ينجح به مقصودهم، وكريمًا يظفرون من حضرته مطلوبهم، ومن هو في غاية القربة والعظمة، مع ما في مفهوم هذا الاسم الشريف باعتبار أصل الوضع من كونه محمدًا في الظاهر والباطن، وقائمًا في


(١) "عليه السلام" سقط في نسخة.
(٢) في نسخة: "فتقومان".
(٣) "مشارق الأنوار" (٢/ ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>