للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِي قَالَ: رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ. قَالَ عِكْرِمَةُ: قُلْتُ: أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: ١٠٣]؟ . . . . .

ــ

ببصره، وقال: إن عائشة لم ترو في إنكاره حديثًا وسماعًا منه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما هو اجتهاد واستنباط منها -صلى اللَّه عليه وسلم- برأيها، وتمسكها في ذلك بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: ٥١]، وقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٣]، والجواب أن المنفي في الآية الأولى الكلام في حال الرؤية لا الرؤية نفسها، ولعل الرؤية تكون ثابتة بدون الكلام، وإن الإدراك هو الإحاطة بجوانب الشيء وحدودها، والرؤية أعم منه، وقد خالف غيرها من الصحابة، والصحابي إذا قال قولًا وخالفه غيره منهم لم يكن ذلك القول حجة بالاتفاق، انتهى كلام النووي.

لكن قال الحافظ ابن حجر (١): جزم النووي بأنّ عائشة لم تنف الرؤية بحديث مرفوع، وتبع فيه ابن خزيمة، وهو عجيب، فقد ثبت في (صحيح مسلم) عن مسروق قالت: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن هذا، فقلت يا رسول اللَّه! هل رأيت ربك؟ فقال: (لا، إنما رأيت جبرئيل منهبطًا)، واللَّه أعلم.

وقال بعض العلماء: الاعتماد في هذا الباب على قول ابن عباس فإن من المتعين أنه ما قال مثل هذا القول العظيم إلا بسماع من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا بظن واجتهاد، وقال بعضهم حين ذكر اختلاف عائشة وابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: ما عائشة عندنا بأعلم من ابن عباس، واللَّه أعلم، وسيأتي الكلام فيه في (باب المعراج) إن شاء اللَّه تعالى، وأما تفسير الآيات المذكورة وتحقيق ألفاظها مفردة ومركبة فليطلب من التفاسير.

وقوله: (قلت: أليس اللَّه يقول: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}) إشكاله عليه لكون المراد بقوله: (رآه بفؤاده) أنه رآه بعينه بمساعدة قلبه كما ذكرنا، أو على قوله:


(١) انظر: "فتح الباري" (٨/ ٦٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>