إبراهيم [أبا] الأنبياء، وقيل: أراد العرب كلهم سموا بذلك؛ لأنهم يبتغون المطر، ويعيشون به، وتعقب بأن العرب ليسوا بأجمعهم من بطن هاجر؛ وأجيب بأنه غلب أولاد إسماعيل على غيرهم لشرفهم، ويمكن أن يقال: بأن هذا مبني على ما اشتهر من أن العرب من ولد إسماعيل، فتدبر.
٥٧٠٥ - [٨](وعنه) قوله: (نحن أحق بالشك من إبراهيم) قيل: لما نزل قوله تعالى: {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} الآية [البقرة: ٢٦٠]، قالت طائفة من الأصحاب: شك إبراهيم ولم يشك نبينا، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)، وظاهره إثبات الشك لإبراهيم ولنفسه الشريفة، وكلا الأمرين محال، لكن المقصود نفي الشك عن نفسه وعن إبراهيم، فمعناه لو كان الشك متطرقًا إلى إبراهيم لكنت أحق به، وقد علمتم أني لا أشك فاعلموا أنه كذلك.
وفيه ترجيح إبراهيم على نفسه، وجوابه أنه قال ذلك تواضعًا، أو قبل أن يوحى إليه أنه سيد ولد آدم، وهذا هو الجواب في كل ما ورد من الأحاديث مما يوهم عدم تفضيله -صلى اللَّه عليه وسلم- على بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فسؤال إبراهيم عليه السلام كان لطلب الترقي من علم اليقين إلى عين اليقين، أو لأنه لما احتج على المشركين بأن ربه عَزَّ وَجَلَّ يحيى ويميت، طلب ذلك، ليظهر دليله عيانًا، والأول أظهر وأنسب بمساق الآية، وقيل: أراد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن ما صدر من إبراهيم عليه السلام لم يكن شكًّا بل طلب لمزيد العلم، وأنا أحق به؛ لأني مأمور بذلك، كما قال اللَّه تعالى:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}[طه: ١١٤]، فافهم.