التفضل من جميع الوجوه، أو في أصل النبوة والرسالة، ثم ذكر لموسى فضلًا جزئيًا يوجب فضله وامتيازه من هذه الجهة، بقوله:(فإن الناس يصعقون. . . إلخ)، وأصل الصعق: أن يغشى على الرجل من صوت شديد يسمعه، وربما يموت منه، يقال: صعق الرجل: إذا أصابه فزع فأغمي عليه، ثم استعمل في الموت كثيرًا، والصعقة: المرة منه، ومنه قوله تعالى:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}[الزمر: ٦٨].
والمراد بالصعقة في هذا الحديث: صعقة فزع يكون بعد البعث يصعق به الناس، ويسقط الكل، ولا يسقط موسى اكتفاء بصعقته في الطور لذكر الإفاقة بعده؛ لأن الإفاقة إنما تستعمل في الغشي والبعث في الموت، وليس للصعقة التي يكون بعده البعث إفاقة؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- يبعث قبل الكل بلا خلاف في ذلك فكيف يقول: لا أدري؟ وقيل: يحتمل أنه قال قبل أن يعلم أنه أول من ينشق، أو أراد أنه من زمرة هم أوّلهم، وهم زمرة الأنبياء، فيكون المراد بالبعث في رواية:(أو بعث قبلي): الإفاقة؛ جمعًا بين الروايتين.
وقوله:(أو كان فيما استثنى اللَّه) بقوله: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}[الزمر: ٦٨]، الظاهر من كلام المفسرين أن الاستثناء في الصعقة التي تكون قبل البعث، ويفهم من هذا الحديث أنه يكون في هذه الصعقة أيضًا، واللَّه أعلم. و (صعقة يوم الطور) هو المشار إليه بقوله تعالى: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا}[الأعراف: ١٤٣].
وقوله:(ولا أقول: إن أحدًا أفضل من يونس بن متى) متى هي اسم أم يونس،