وقوله:(ألا وأنا حبيب اللَّه) وهو جامع للخلة والتكليم والاصطفاء والمناجاة مع شيء زائد لم يثبت لأحد، وهو كونه محبوب اللَّه تعالى بالمحبة الخاصة التي هي من خواصه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولبعض العلماء في الفرق بين الخليل والحبيب عبارات ينبغي أن ننقلها شرحًا لصدور المؤمنين وتنويرًا لقلوب العارفين، وقال: إن الخليل من الخلة، أي: الحاجة، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام كانت حاجته وافتقاره إلى اللَّه تعالى، فمن هذا الوجه اتخذه خليلًا، والحبيب فعيل بمعنى الفاعل أو المفعول فهو -صلى اللَّه عليه وسلم- محب ومحبوب.
والخليل محب لحاجته إلى من يحبه، والحبيب محب لا لغرض، والخليل يكون فعله برضى اللَّه تعالى، والحبيب يكون فعل اللَّه برضاه، قال اللَّه تعالى:{فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}[البقرة: ١٤٤]، {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}[الضحى: ٥].
والخليل لا يحب الاستعجال إلى لقاء حبيبه، كما قيل: إن ملك الموت جاء إلى قبض روح إبراهيم، وقال له:[هل رأيت خليلًا يميت خليله، فأوحى اللَّه تعالى إليه قل له]: هل رأيت خليلًا يكره لقاء خليله. والحبيب يحب الاستعجال إلى لقاء حبيبه كما كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول في دعائه:(اللهم أسألك النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك).
والخليل مغفرته في حد الطمع، كما قال إبراهيم:{وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}[الشعراء: ٨٢]، والحبيب مغفرته في حد اليقين من غير سؤال قال اللَّه تعالى: