للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٣١٤٩، م: ١٠٥٧].

٥٨٠٤ - [٤] وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ سَبَقَ النَّاسُ إِلَى الصَّوْت هُوَ يَقُولُ: "لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا". . . . .

ــ

الشريفة إذا التفت التفت جميعًا، و (العاتق) موضع الرداء من المنكب، يعني لم يتغير ولم يتأثر من سوء أدبه، وإن أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، وهذا من عادة جفاة العرب وخشونتهم، وعدم تهذيب أخلاقهم، وقيل: لعله كان من المؤلفة، ولهذا ناداه باسمه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفيه أن من ولي على قوم لزمه الاحتمال من أذاهم.

٥٨٠٤ - [٤] (وعنه) قوله: (ولقد فزع أهل المدينة) كأنه كان فزعهم من سارق أو عدو، والضمير في (فاستقبلهم) لما يفهم من الكلام السابق، أي: العدو الذين كان الفزع من أجلهم، والضمير في (سبق) للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، و (الناس) مفعوله، وفي رواية: (ثم خرج يركض وحده فركب الناس يركضون خلفه).

وقوله: (لم تراعوا لم تراعوا) مرتين بضم التاء والعين: من الروع بمعنى الفزع، و (لم) هنا بمعنى: لا، ويروى: (لن)، قالوا: العرب قد تضع (لم) و (لن) موضع (لا)، نقله الطيبي (١)، فهو خبر أي: لا روع ولا فزع بمعنى الأمر، أي:


(١) "شرح الطيبي" (١١/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>