للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٨٠٦ - [٦] وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- غَنَمًا بَينَ جَبَلَيْنِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ! أَسْلِمُوا، فَوَاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَيُعْطِي عَطَاءً مَا يَخَافُ الْفَقْرَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: ٢٣١٢].

ــ

وقد ورد بيان ذلك في حديث مرسل لابن الحنفية عند ابن سعد ولفظه: (إذا سئل فأراد أن يفعل قال: نعم، وإذا لم يرد أن يفعل سكت) (١)، وهو قريب من حديث أبي هريرة: (ما عاب طعامًا قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه) (٢)، قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: معناه لم يقل: لا، منعًا للعطاء، ولا يلزم من ذلك أن لا يقولها اعتذارًا، كما في قوله تعالى: {قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: ٩٢]، ولا يخفى الفرق بين قوله: (لا أجد ما أحملكم) وبين لا أحملكم، انتهى. كذا نقل في (المواهب) (٣).

٥٨٠٦ - [٦] (أنس) قوله: (غنمًا بين الجبلين) غنم اسم جنس، أي: غنمًا كثيرًا يملأ ما بين الجبلين.

وقوله: (إن محمدًا ليعطي عطاء ما يخاف الفقر) الرجل لما رأى منه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا من جلاله وجماله وما كان يبهر العقول من كماله، ثم رأى مثل هذا السخاء البالغ الجزيل، جاء يأمر القوم بالإسلام والدخول في ربقة طاعته، وأشار إلى أن طاعته تورث سعادة الدنيا والآخرة، وقال الطيبي (٤): وجه دلالة هذا الوجه على وجوب الإسلام أن مقام ادعاء النبوة مع العطاء الجزيل يدل على وثوقه على من أرسله، فافهم.


(١) "الطبقات الكبرى" (١/ ٢٧٧).
(٢) أخرجه البزار في "مسنده" (١٧/ ١٣٨).
(٣) "المواهب اللدنية" (٢/ ٣٧٠).
(٤) "شرح الطيبي" (١١/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>