للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والوحي في الأصل يجيء بمعنى الإشارة والكتابة والرسالة والإلهام والكلام الخفي، وكل ما ألقيته إلى غيرك والصوت.

وقال في (المشارق) (١): الوحي أصله الإعلام في خفاء وسرعة، وهو في حق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وغيره من الأنبياء على ضروب؛ فمنه: إعلام بسماع الكلام العزيز، كموسى عليه السلام كما دل عليه الكتاب، ونبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- كما دلت عليه الأخبار في ليلة الإسراء، ووحي رسالة وواسطة بالملك كأكثر حالات نبينا وسائر الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليه وعليهم، ووحي إلقاء، وقد ذكر أنه كان وحي داود عليه السلام، وجاء في غير أثر عن نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- نحوه كقوله: ألقي في روعي، انتهى.

والوحي إلى غير الأنبياء بمعنى الإلهام [كقوله تعالى]: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى} [القصص: ٧]، ويجيء بمعنى الأمر {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} [المائدة: ١١١]، أي: أمرتهم، وقوله تعالى: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: ١١]، أي: أومأ، وقيل: كتب بيده في الأرض، وقوله تعالى: {لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: ١٢١]، أي: يأمرونهم ويلقون في قلوبهم، ويجيء بمعنى خلق العلم الطبيعي كما في قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: ٦٨]، والبيضاوي (٢) فسره أيضًا بقوله: ألهمها وألقى في قلبها، وكان المناسب بحال تفلسفه أن يفسره بما ذكرنا، فافهم. ويقال: وحى وأوحى، وقد سبق في (كتاب الرؤيا) ما يتعلق بالوحي وبيان أقسامه.


(١) "مشارق الأنوار" (٢/ ٢٨١).
(٢) "تفسير البيضاوي" (٣/ ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>