للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَكُونُ (١) الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ. قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا. ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ،

ــ

فأجاب بالشق الأخير. و (السجال) بكسر المهملة جمع سجل بفتحها، و (الحرب) اسم جنس فصح الإخبار عنه بالجمع، أشار أبو سفيان بذلك إلى ما وقع بينهم في غزوة بدر، وغزوة أحد، وقد صرح بذلك أبو سفيان يوم أحد في قوله: يوم بيوم بدر والحرب سجال، وقيل: وكذلك يوم الخندق أصيب من الطائفتين ناس قليل.

وقوله: (يصيب منا ونصيب منه) هذا اللفظ يحتمل معنيين، أحدهما: يبلينا بالمصيبة ونبليه كما جاء في الحديث: (من يرد اللَّه به خيرًا يصب منه) (٢) أي: أبلاه بالمصائب، وثانيهما: أنه يصيب البلاء من جانبنا ونصيبه من جانبه على عكس المعنى الأول، والمآل واحد، والظاهر هو الأول من مثل هذه العبارة كما ذكرنا، وفي رواية: ينال منا وننال منه.

وقوله: (في هذه المدة) أي: مدة الصلح.

وقوله: (قال) أي: أبو سفيان: (ما أمكنني أن أدخل فيها) أي: في الكلمات التي قلت في صفات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مما يشير إلى نسبة نقص إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- غير هذه الكلمة، فإنها يشير إلى احتمال وقوع العذر منه -صلى اللَّه عليه وسلم-.


(١) بالتأنيث ويذكر، قاله القاري (٩/ ٣٧٥٣).
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٥٦٤٥)، ومالك في "الموطأ" (١٩٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>