للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

له، وما جاء في بعض الروايات: أنه بعث له آدم فمن دونه من الأنبياء فأمّهم، يؤيد هذا الوجه، كذا قيل، ولكن لا حاجة إلى القول بالبعث؛ لأن الأنبياء أحياء إلا أن يكون المراد بالبعث الإحضار، هذا وأما اختصاص هؤلاء الأنبياء بملاقاته -صلى اللَّه عليه وسلم- دون غيرهم من الأنبياء، واختصاص كل واحد منهم بسماء مخصوص فمما لا يدرك بالحقيقة وجهه.

وقد يذكر لكلا الأمرين مناسبات ظاهرة يستأنس بها، أما حقيقة الأمر فلا، فيقال للأول: إن ذلك إشارة إلى ما سيقع له -صلى اللَّه عليه وسلم- مع قومه من نظير ما وقع لكل منهم، كخروجه -صلى اللَّه عليه وسلم- من مكة وما ألفه من الوطن مثل خروج آدم من الجنة، وما أصابه من اليهود في أول الهجرة مثل ما أصاب عيسى ويحيى منهم، ووجود الأذى من أقربائه مثل ما وقع ليوسف من إخوته، وكانت العاقبة له ورفع مكانه وعلو شأنه لقوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: ٤] كما قال في إدريس: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: ٥٧]، ورجوع قومه إلى محبته بعد أن آذوه كما وقع بهارون، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر) (١). ولعله قاله في بعض الأمور وإلا فقد ورد: (ما أوذي نبي مثل ما أوذيت في سبيل اللَّه) (٢)، وأما مناسبته بإبراهيم فظاهر، وقد رأى إبراهيم متكئًا بالبيت المعمور، وذلك مثل استناده بالبيت الحرام في فتح مكة.

وأما اختصاص كل منهم بسماء رأى فيها فلأن آدم أول الأنبياء وأول الآباء، فكان أولى بالأولى، وخص عيسى بالثانية لأنه أقرب الأنبياء عهدًا لمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ويحيى


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٣١٥٠)، ومسلم في "صحيحه" (١٠٦٢).
(٢) أخرجه الترمذي في "سننه" (٢٤٧٢)، وابن ماجه في "سننه" (١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>