للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حديث ابن عباس: (فجيء بالمسجد حتى وضع عند دار عقيل وأنا أنظر إليه)، وهذا أبلغ في المقصود ولا استحالة، فقد أحضر عرش بلقيس لسليمان، فليقلع ويحمل ويحضر بيت المقدس لحبيب الرحمن -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فائدة: اختلف قديمًا وحديثًا في رؤيته -صلى اللَّه عليه وسلم- ربه ليلة الإسراء فذهبت عائشة وابن مسعود إلى نفيها، وابن عباس وبعض آخرون منهم إلى إثباتها، وإليه ذهب كعب الأحبار والزهري ومعمر وآخرون، وبه قال سائر أصحاب ابن عباس، وهو قول الأشعري وأكثر أتباعه، وحكى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن أنه حلف أن محمدًا رأى ربه.

ومنهم من ذهب أنه رأى بقلبه لا بعينه، ويروى عن ابن عباس أخبار مطلقة وأخرى مقيدة، فيجب حمل مطلقها على مقيدها، وأخرج مسلم (١) عن ابن عباس: أنه رأى ربه بفؤاده مرتين، وعلى هذا يمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباتها على رؤية القلب، لكن المشهور عن ابن عباس أنه قال بالرؤية بالبصر، وروى الطبراني (٢) بإسناد رجاله رجال الصحيح عن ابن عباس: أن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى ربه مرتين: مرة ببصره، ومرة بفؤاده.

ثم ينبغي أن يعلم أن الرؤية بالقلب غير العلم به، لأنه كان حاصلًا دائمًا، فمراد من أثبت له أنه رآه بقلبه أن الرؤية التي حصلت له خلقت له في قلبه، كما يخلق الرؤية بالعين لغيره، وقد يروى عن أحمد إثبات الرؤية بالبصر له -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقيل له: إنهم يقولون: إن عائشة قالت: من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الفرية، فبأي


(١) "صحيح مسلم" (١٧٦).
(٢) "المعجم الكبير" (١٢/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>