للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: "بِطَعَامٍ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِمَنْ مَعَهُ: "قُومُوا"، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمِ! قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ،

ــ

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للصلاة فيه حين محاصرة الأحزاب للمدينة في غزوة الخندق.

وقوله: (أرسلك) بحذف حرف الاستفهام، أو قال: بهمزة ممدودة للاستفهام.

وقوله: (قوموا) ظاهره أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فهم أن أبا طلحة استدعاه إلى منزله وإلا فقد علم أن أبا طلحة وأم سليم أرسلا الخبز مع أنس -رضي اللَّه عنه- إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلأي شيء قام وانطلق؟ ويمكن أن يقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علم بإرسال الخبز ولكنه قام وانطلق إلى بيت أبي طلحة من غير أن دعاه أبو طلحة إظهارًا للمعجزة والبركة لأصحابه.

وقال الشيخ (١): يجمع بأنهما أرادا بإرسال الخبز مع أنس أن يأخذه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيأكله، فلما وصل أنس ورأى كثرة الناس استحيا، وظهر له أن يدعوه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليقوم معه وحده إلى المنزل فيحصل مقصودهم من إطعامه، أقول: هذا لا يخلو عن بعد، لأن أنسًا -رضي اللَّه عنه- صغيرًا تابعًا لهما فيبعد أن يدعوه من غير إذن منهما، ثم قال: ويحتمل أن يكون ذلك على رأي أبي طلحة أرسله وعهد إليه إذا رأى كثرة الناس دعا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خشية أن لا يكفيهم ذلك النبي ومن معه، وقد عرفوا إيثاره -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنه لا يأكل وحده، قال: وقد وجدت أكثر الروايات تقتضي أن أبا طلحة استدعى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذه الواقعة، واللَّه أعلم.


(١) "فتح الباري" (٦/ ٥٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>