وقد يرجح هذا القول بما صح من موت فاطمة الزهراء -رضي اللَّه عنها- في ثالث رمضان مع ما ثبت من حياتها -رضي اللَّه عنها- بعده -صلى اللَّه عليه وسلم- ستة أشهر، وقد استأذن -صلى اللَّه عليه وسلم- نساءه في تمريضه ببيت عائشة -رضي اللَّه عنها- فأذِنّ له، ثم اشتد وجعه جعل يشتكي وينقلب على فراشه، وروي أنه لا تكاد تقر يدٌ عليه من شدة الحمى، فقال:(ليس أحد أشد بلاء من الأنبياء، كما يشتد علينا البلاء كذلك يضاعف لنا الأجر)، فكانت مدة علته اثني عشر يومًا. وقيل: ثمانية عشر يومًا كما عرف من الاختلاف في ابتداء مرضه، وقد أعتق في مرضه أربعين نفسًا.
وكان يصلي بالناس في مدة مرضه، وإنما انقطع ثلاثة أيام، وقيل: سبع عشرة صلاة، وقال فيها:(مروا أبا بكر فليصل بالناس)، وخرج يومًا إلى المسجد وصلى وقال:(يا معشر المسلمين! أنتم في وداع اللَّه وكنفه، واللَّه خليفتي، عليكم بتقوى اللَّه وحفظ طاعته، فإني مفارق للدنيا)، والروايات متعاضدة على أن الإمام كان أبا بكر.
وروي عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أنه قال: لم يصل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خلف أحد من أمته إلا خلف أبي بكر وصلى خلف عبد الرحمن بن عوف في سفر ركعة واحدة.
ومما وقع في مرضه أنه اشتد وجعه يوم الخميس، فأراد أن تكتب كتابًا، فقال لعبد الرحمن بن أبي بكر:(ائتني بكتف أو لوح اكتب لأبي بكر كتابًا لا يختلف فيه)، فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال:(أبى اللَّه والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر).
وروي أن عباسًا -رضي اللَّه عنهما- قال لعلي -رضي اللَّه عنه-: أنت بعد ثلاث عبد العصا، ثم خلا به فقال: إني يخيل لي أني أعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت، وإني خائف أن لا يقوم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من وجعه، فاذهب بنا إليه فلنسألنه، فإن يك هذا الأمر إلينا فعلمنا ذلك، وإن لم يكن إلينا أمرناه أن يستوصي بنا خيرًا، فقال له علي: أرأيت إذا