لا يخفى أن الوجه الأول -وهو عود الضمير إلى الدنيا- لا يظهر منه وجه وجيه للتكرار، كما في الوجهين الأخيرين.
وقوله:(وأشار وكيع إلى السماء والأرض) قيل: أراد بإشارته إلى السماء والأرض أنها خير ممن هو فوق الأرض وتحت السماء لا تفسيرًا للضمير لأنه مفرد، وقيل: أراد تفسير الضمير بتأويل جملة طبقات السماء وأقطار الأرض، أو بتأويل الدنيا، فإنه قد يعبر بالسماء والأرض عن العالم كله، كقوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}[سبأ: ١]، وقوله:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[النور: ٣٥]، فافهم.
ثم إنه قد ظهر من الحديث كون مريم وخديجة خير نساء أمتهما، أما النسبة بينهما بالفضل فلم تعلم، ونقل عن التفسير للنسفي: أن خديجة وعائشة أفضل من مريم رضي اللَّه عنهن، وهذا إذا قلنا بالأصح أنها ليست بنبية، وقد تقرر أن هذه الأمة أفضل من غيرها، ثم اختلفوا في فضل عائشة على خديجة، وكذا في فضل فاطمة على عائشة أو العكس، ونقل عن مالك أنه قال: فاطمة بضعة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا أفضِّل [أحدًا] على بضعة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسئل الإمام السبكي (١) عن ذلك فقال: الذي نختاره وندين اللَّه به أن فاطمة أفضل، ثم أمها خديجة ثم عائشة، وقال السيوطي في (الفتاوى) في فاطمة وعائشة أيتهما أفضل؟ : فيه ثلاث مذاهب أصحها: أن فاطمة أفضل، ومال بعضهم إلى الوقف، واللَّه أعلم.
(١) انظر: "أسنى المطالب في شرح روضة الطالب" (١/ ١٠٣).