للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٠ - [٧٣] وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: "الْعِلْمُ عِلْمَانِ: فَعِلْمٌ فِي الْقَلْبِ فَذَاكَ الْعِلْمُ النَّافِعُ، وَعِلْمٌ عَلَى اللِّسَانِ فَذَاك حُجَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ابْنِ آدَمَ". رَوَاهُ الدَّارمِيُّ. [دي: ١/ ١٠٢].

ــ

٢٧٠ - [٧٣] (الحسن) قوله: (فعلم في القلب) الفاء للتفصيل، والمراد بعلم في القلب ما ظهر أثره ونوره في القلب بأن يعمل به وجرى على مقتضاه، وبـ (علم على اللسان) ما هو بخلاف ذلك، وقد يحمل على علمي الظاهر والباطن (١)، وهما علم المعاملة وعلم المكاشفة، والمعنى الأول أنسب بقوله: وعلم على اللسان، واللَّه أعلم.

قال الشيخ ابن عطاء اللَّه في (كتاب الحكم) (٢): العلم النافع: هو الذي ينبسط في الصدر شعاعه، ويكشف عن القلب قناعه.

وقال الشيخ أبو عبد اللَّه محمد بن علي الحكيم الترمذي: العلم النافع هو الذي قد تمكن في الصدر وتصور، وذلك أن النور إذا أشرق في القلب تصورت الأمور حسنها وسيئها، ووقع بذلك ظل في الصدر فهو صورة الأمور فيأتي حسنها ويجتنب سيئها، فذلك هو العلم النافع من نور القلب خرجت تلك العلائم إلى الصدر وهي علامات الهدى، والعلم الذي يتعلمه فذلك علم اللسان، إنما هو شيء قد استودع


(١) قال القاري: لَكِنْ فِيهِ أَنْ لَا يَتَحَقَّقَ شَيْءٌ مِنْ عِلْمِ الْبَاطِنِ إِلَّا بَعْدَ التَّحَقُّقِ بإِصْلَاحِ الظَّاهِرِ كَمَا أَنَّ عِلْمَ الظَّاهِرِ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِإِصْلَاحِ الْبَاطِنِ، وَلذَا فَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ: مَنْ تَفَقَّهَ وَلَمْ يَتَصَوَّفْ فَقَدْ تَفَسَّقَ، وَمَنْ تَصَوَّفَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ فَقَدْ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ تَحَقَّقَ، وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ: هُمَا عِلْمَانِ أَصْلِيَّانِ لَا يَسْتَغْنِي أَحَدُهُمَا عَنِ الآخَرِ بِمَنْزِلَةِ الإِسْلَامِ وَالإِيمَانِ مُرْتَبِطٌ كُلٌ مِنْهُمَا بِالآخَرِ، كَالْجِسْمِ وَالْقَلْبِ لَا يَنْفَكُّ أَحَدٌ عَنْ صَاحِبِهِ. "مرقاة المفاتيح" (١/ ٣٣٥).
(٢) "الحكم العطائية" (٤/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>