مرتين، قال مسروق: وكنت إذا رأيت عبد اللَّه بن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا تكلم قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس، وكان عمر بن الخطاب يُقرِّبه ويُدنِيه ويشاوره مع أجلة الصحابة. وكُفَّ بصره في آخر عمره، ومات بالطائف سنة ثمان وستين في أيام ابن الزبير وهو ابن إحدى وسبعين سنة. روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين، وكان أبيض طويلًا مشربًا صفرة جسيمًا وسيمًا صبيح الوجه، له وفرة يخضب بالحناء.
٥٠٨ - عبد اللَّه بن عمر (١): هو عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أسلم مع أبيه بمكة وهو صغير ولم يشهد بدرًا، واختلفوا في شهوده أحدًا، والصحيح أن أول مشاهده الخندق، قيل: إنه استصغر يوم بدر، وأجازه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم أحد، وروي أنه رده يوم أحد لأنه كان له أربع عشرة سنة، وشهد ما بعد الخندق من المشاهد، وكان من أهل الورع والعلم والزهد شديد التحري والاحتياط، وقال جابر بن عبد اللَّه: ما منَّا أحدٌ إلا مالت به الدنيا ومال بها ما خلا عمرَ وابنَه عبد اللَّه. وقال ميمون بن مهران: ما رأيت أورعَ من ابن عمر، ولا أعلمَ من ابن عباس، وقال نافع: ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد، ولد قبل الوحي بسنة، ومات سنة ثلاث وسبعين بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر، وقيل: بستة أشهر، وكان قد أوصى أن يُدفَنَ فِي الحِلِّ فلم يقدر على ذلك من أجل الحجاج، ودفن بذي طوى في مقبرة المهاجرين، وكان الحجاج قد أمر
(١) في "الخلاصة" (ص: ٢٠٧): أن عبد اللَّه بن عمر شهد الخندق وبيعة الرضوان، وله ألف وست مئة حديث وثلاثون حديثًا، اتفقا على مئة وسبعين، وانفرد البخاري بأحد وثمانين، ومسلم بأحد وثلاثين، وعنه بنوه سالم وحمزه وعبيد اللَّه وابن المسيب ومولاه نافع وخلق. في الصحيح: [عبد اللَّه رجل صالح]، وكان إمامًا متينًا واسع العلم كثير الاتباع وافر النسك كبير القدر متين الديانة عظيم الحرمة، . . . إلخ. (أحمد حسن).