للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآنِ -أَوْ تَمْلأُ- مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ. . . . .

ــ

والطهور ههنا محمول على التخلية.

وقوله: (والحمد للَّه يملأ الميزان) يملأ يروى بالفوقانية والتحتانية، فالأُولى باعتبار اللفظة أو الكلمة أو المثوبة، والثانية باعتبار اللفظ أو الثواب، وقد ثبت بالنصوص أن الأعمال توزن إما نفسها، أو بجعلها صورًا، أو كتبها أو لكونها جواهر في موطن الآخرة كما هو عند المحققين، وقد حقق في موضعه.

وقوله: (سبحان اللَّه والحمد للَّه تملآن أو تملأ) شك من الراوي أنه بلفظ التثنية أو المفرد، فالأول ظاهر، والثانية باعتبار الجملة أو المجموع، وكل منهما بالفوقانية أو التحتانية، وذلك من جهة أن سبحان اللَّه تنزيه للَّه سبحانه، وهو يشمل السماوات والأرض وما بينهما، وكل ذرة تدل على تنزهه من النقائص، والحمد للَّه اعتراف بكمالاته ونعمه، والعالم مملوء بها ودالٌّ عليها، ولا شك أن هذه الكلمات لو صدرت من أحد بحقائقها أوجبت شهود صفات اللَّه وأسمائه التي العالم مظاهرها، وأما التفوُّه بمجرد الألفاظ فلا اعتداد به، ومع ذلك فضل اللَّه واسع يعطي من يشاء ما يشاء.

وقوله: (والصلاة نور (١)) أي: منوِّر القلب لشهود الحق وظهور المعارف؛ لأن أتم الأحوال والأوقات التي تُكشف للعارفين إذا كانوا في الصلاة، وأقربُ ما يكون العبد من ربه إذا كان ساجدًا، وحسبه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) (٢)، والوجهِ لظهور سيماء الصلاح والعرفان، وتهدي إلى طريق الحق والصواب، وتنهى عن


(١) قال القاري: أَيْ: فِي الْقَبْرِ وَظُلْمَةِ الْقِيَامَة، "مرقاة المفاتيح" (١/ ٣٤٢).
(٢) أخرجه النسائي في "السنن" (٣٩٤٠)، وأحمد في "مسنده" (٣/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>