ثم الظاهر من هذا الحديث كون المضمضمة والاستنشاق بغرفة واحدة لعدم ذكر (ثم) كما في سائر الأعضاء، وسيجيء الكلام فيه في (باب سنن الوضوء) إن شاء اللَّه تعالى.
وقوله:(نحو وضوئي) في شرح مسلم: إنما قال: نحو، ولم يقل: مثل، لأن حقيقة مماثلة وضوئه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يقدر عليها غيره، انتهى. وهذا مبني على اعتبار وجه الشبه في المماثلة من كل وجه، ولو لم يعتبر ذلك واكتفى بالمشاركة في جهة خاصة لكفى، وهذا تأدب منه -رضي اللَّه عنه-، وأما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (وضوئي) بترك حرف التشبيه فترغيب وحث على كمال المبالغة، فافهم.
وقوله:(ثم يصلي ركعتين) ولو صلى أكثر لكان أفضل، يؤخذ فيه استحباب الصلاة بعد الوضوء، وقال الطيبي (١): هي سنة مؤكدة لا تترك ولو في وقت مكروه، ولو صلى فريضة أو راتبة لكفت، وأنكر الإمام الغزالي تسميتها بتحية الوضوء، وأما التسمية بتحية المسجد فصحيح.
وقوله:(لا يحدث نفسه فيهما بشيء) أي: في أمور الدنيا، ولو عرضت الخواطر فدفعها ولم يستقر لم يضر في هذه الفضيلة، وقيل: المراد الإخلاص، وقيل: عدم العجب، واللَّه أعلم.