وأما التعظيم فهو أمر وراء حضور القلب والتفهم، إذ الرجل يخاطب عبده بكلام هو حاضر القلب فيه ومتفهم لمعناه ولا يكون معظِّمًا له.
وأما الهيبة فزائد على التعظيم، بل هي عبارة عن خوف منشؤه التعظيم؛ لأن من لا يخاف لا يسمى هائبًا، والمخافة من العقرب وسوء خلق العبد وما يجري مجراه من الأسباب الخسيسة لا يسمى مهابة، بل الخوف من السلطان العظيم يسمى مهابة.
وأما الرجاء فلا شك أنه زائد، فكم من معظم ملكا من الملوك يهابه ويخاف سطوته ولكن لا يرجو مثوبته، والعبد ينبغي أن يكون راجيًا بصلاته ثواب اللَّه كما أنه خائف بتقصيره عقاب اللَّه.
وأما الحياء فهو زائد على الجملة؛ لأن مستنده استشعار تقصير وتوهُّمُ ذنب، ويتصور التعظيم [والخوف] والرجاء من غير حياء حيث لا يكون توهم تقصير [وارتكاب ذنب].
وقوله:(إلا وجبت له الجنة) الوجوب حيثما وقع [في] مقام ثواب الأعمال فالمراد به التفضل عند أهل السنة والجماعة؛ فإنه لا يجب على اللَّه شيء، ولكنه يفعل بمقتضى وعده الكريم، ولا يخلف الوعد، ولا يتصور على اللَّه غير هذا كما عرف في أصول الكلام.
٢٨٩ - [٩](عمر بن الخطاب) قوله: (ما منكم من أحد) قال الطيبي: (من) الأولى بيانية، ولعله إنما ذهب إليها لأن (من أحد) عام، فلا يصح التبعيض، ويمكن