قال بكر بن عبد اللَّه الصنعاني: أتينا مالك بن أنس فجعل يحدثنا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وكنا نستزيده من حديثه، فقال لنا ذات يوم: ما تصنعون بربيعة؟ وهو نائم في ذلك الطاق، فأتينا ربيعة فنبهناه (١) وقلنا له: أنت ربيعة؟ قال: نعم، قلنا: الذي يحدث عنك مالك بن أنس؟ قال: نعم، قلنا: كيف حظي بك مالك ولم تحظ أنت بنفسك؟ قال: أما علمتم أن مثقالًا من دولة خير هن حمل علم.
قال عبد الرحمن بن مهدي: سفيان الثوري إمام في الحديث، وليس بإمام في السنة، والأوزاعي إمام في السنة، وليس بإمام في الحديث، ومالك بن أنس إمام فيهما جميعًا، وكان مالك مبالغًا في تعظيم العلم والدين حتى كان إذا أراد أن يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه، وسرح لحيته، واستعمل الطيب، وتمكن من الجلوس على وقار وهيبة، ثم حدث، فقيل له في ذلك فقال: أحب أن أعظم حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومرّ يومًا على أبي حازم وهو جالس يحدث فجازه، فقيل له في ذلك، فقال: إني لم أجد موضعًا أجلس فيه فكرهت أن آخذ حديث رسول اللَّه وأنا قائم.
قال يحيى بن سعيد: ما في القوم أصح حديثًا من مالك.
وقال الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم، وما أحد أمنّ [في علم اللَّه] عليَّ من مالك، وقال: إذا جاء الحديث عن مالك فاشدد يديك به، وقال: كان مالك بن أنس إذا جاءه بعض أهل الأهواء، قال: أما إني على بينة من ديني، وأما أنت فشاكٌّ، اذهب إلى شاكٍّ مثلك فخاصمه.
وقال مالك: إذا لم يكن للإنسان في نفسه خير لم يكن للناس فيه خير، وقال: