للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من عادة أهل الجاهلية فنهي عنه في الإسلام تعليمًا لمكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال التي بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لتتميمها.

وأما ما روي من حذيفة أنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أتى سباطة قوم فبال قائمًا) فقد قيل: كان ذلك لعذر، والمراد بالعذر إما ما قيل: إنه كان لوجع في صلبه -صلى اللَّه عليه وسلم- بحيث كان لا يستطيع القعود، أو ما قيل: إن البول قائمًا استشفاء من وجع الصلب، وعليه جرى الشافعي فقال (١): كانت العرب تستشفي لوجع الصلب بالبول قائمًا، وقد ورد فيما أخرجه الحاكم (٢) من حديث ابن عمر بلفظ: (بال قائمًا لوجع كان بمأبضه) أي: باطن ركبته، كذا قال الشيخ ابن حجر (٣).

وقيل: لأنه لم يجد للقعود مكانًا فاضطر إلى القيام؛ لأن السباطة لا تمكن الشخص من القعود إلا إذا جعل الطرف المرتفع منها وراء ظهره، وحينئذٍ يبدو للمار عورته، وإن استقبلها بوجهه خيف عليه أن يقع على ظهره، والسباطة غالبًا لينة سهلة مرتفعة فهي غير صالحة لذلك.

وأما بول عمر -رضي اللَّه عنه- قائمًا فقد روي عنه أنه قال: البول قائمًا أحسن للدبر، فيحتمل أنه عرض له في ذلك الوقت ما يخشى به خروج شيء من السبيل الآخر، وأما في فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- فحاشا أن يتوهم مثل ذلك أو ينطلق به اللسان، وقيل: لم يكن له غرض هناك إلا بيان الجواز سيما إن فرض تأخر هذا عن حديث النهي عنه فإنه يوهم التحريم، فاحتيج لبيان عدمه سيما إن اقترن به عذر آخر، وهو -صلى اللَّه عليه وسلم- أرسل رحمة واسعة للعالمين وتيسيرًا


(١) انظر: "المجموع شرح المهذب" (٢/ ٨٤).
(٢) "المستدرك" للحاكم (١/ ٢٩٠)، ولكن رواه عن أبي هريرة.
(٣) "فتح الباري" (١/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>